الكلمة الكاملة للأمين العام لحزب الله خلال افتتاح معرض “سوق أرضي”

0 minutes مدة القراءة
210 مشاهدة

كلمة الأمين العام لحزب الله حجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ نعيم قاسم خلال افتتاح معرض “سوق أرضي” يوم الجمعة في 31 تشرين الأول ‏‏2025.‏بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبي القاسم ‏محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين والشهداء إلى قيام يوم ‏الدين.‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏سوق “أرضي” للمونة والمنتجات الزراعية والحرفية فكرة مبدعة، تنموية، تسويقية، ومنتجة.‏في الحقيقة، يجب أن نشكر جمعية مؤسسة جهاد البناء الإنمائية التي عملت خلال هذه السنوات الطويلة من أجل هذا الإنتاج، ‏ومن أجل هذا السوق الذي يُعتبر عملاً منتجًا إيجابيًا يخدم الناس، وخاصة المزارعين والحرفيين بشكل كبير.‏أُعجبني الشعار الذي وُضع لهذا الحفل: “أرضي لأهلها”. وبالفعل، أرضي لأهلها، وهؤلاء المشاركون في هذا السوق هم ‏أهل الأرض، هم يستحقونها، هم الذين بذلوا فيها وأعطوها.‏العائدون إلى جنوب لبنان والمتصدّون بأجسادهم هم مشهد فخرٍ وعزٍّ كان واضحًا أمام العالم بأسره عندما واجهنا إسرائيل، ‏وعندما انسحبت بفعل وجود هؤلاء الناس في القرى الحدودية الأمامية في جنوب لبنان.‏الصامدون اليوم من أهل الجنوب هم على الخطوط الأمامية يحصدون الزيتون وغلال الأرض في مشهد سيادةٍ واستقلالٍ بكل ‏ما للكلمة من معنى. هؤلاء الشجعان، هؤلاء السياديون الحقيقيون، هم الذين قدّموا فلذات أكبادهم وأزواجهم ورجالهم ‏ونسائهم، كل ذلك من أجل التمسك بالأرض والعودة إليها.‏هذا المعرض هو للبنانيين جميعًا، ليس لبيئةٍ ولا لطائفةٍ ولا لجمهورٍ معين. هو معرض “أرضي” لكل اللبنانيين، كل قطعة ‏أرضٍ في لبنان اسمها لبنان، لا أرض لطائفةٍ دون أخرى.‏

إذن، لبنان واحد موحد مترابط، له اسم واحد في الجنوب والبقاع والجبل والشمال وبيروت والضاحية، الاسم هو لبنان، ‏والأرض هي لبنان، وهذه أرضنا جميعًا نتشارك فيها، وكل قطعةٍ منها هي قطعةٌ من لبنان، لكل لبنان، ولكل اللبنانيين. صاحب ‏الأرض يملك المستقبل، والاحتلال وجودٌ عابر. من يقاوم يستعيد أرضه، ومن يستسلم يخسر نفسه وأرضه ومستقبله، هذه ‏هي المعادلة الحقيقية. ‏نحن في السياسة نتحدث عن الالتزام تحت سقف الطائف، الذي هو العقد الاجتماعي المتفق عليه بين اللبنانيين، أما الأرض، ‏فهي لنا جميعًا، وأما في السياسة والإدارة والقانون، فالسقف هو الطائف. من أراد أن يلتزم بالطائف لا يستطيع أن يختار منه ‏جزءًا ويترك الأجزاء الأخرى.‏أول عنوانٍ في الطائف هو السيادة، وأول عنوانٍ فيه طرد العدو الإسرائيلي وتحرير الأرض، وأول عنوانٍ فيه أن نكون معًا ‏كمواطنين، يؤلمنا ما يؤلم أي فردٍ منا في أي منطقةٍ من مناطقنا، وهذه هي المواطنة الحقيقية.‏نحن الآن نفتتح سوق “أرضي” التي تعني الزراعة أساسًا، لقد لاحظنا أن الله تعالى سخّر لنا هذه الأرض من أجل أن ‏نستثمرها، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾. هذه ‏نعمة من الله أن يكون لنا أرض، وأن نكون من حماة هذه الأرض، وقال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ‏السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ﴾. هنيئًا لكم هذا الرزق، لأنه عطية من الله تعالى، لا يستطيع أحد أن يسلبكم إياها، ‏وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «من غرس غرسًا فأثمر، أعطاه الله من الأجر قدر ما يخرج من الثمر».‏

تأملوا هذا الموقف العظيم، هذا الزرع ليس فقط رزقًا تأكله، وليس فقط نعمةً تستثمرها وتأخذها لنفسك أو لأولادك أو ‏لمجتمعك، بل لك أيضًا أجر عند الله تعالى لأنك عملت، لأنك أحييت الأرض، لأنك أعطيتها فأعطتك، لأنك حافظت عليها. هذا له ‏أجر كبير عند الله تعالى، ويقول الإمام الصادق عليه السلام: «الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيبًا أخرجه الله عز وجل». ‏بارك الله بكم أيها المزارعون، أيها الحرفيون، أيها المشاركون في إحياء هذه الأرض في لبناننا العزيز، لأن هذا الإحياء هو ‏الذي يعطي الاستمرارية والمستقبل لأجيالنا.‏لقد أسسنا في حزب الله مؤسسة جهاد البناء من أجل خدمة الناس من القلب، على قاعدة البذل والعطاء، وقد أطلق سماحة ‏سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه في سنة 2020، “الجهاد الزراعي والصناعي”، وكان يقصد ‏في حينها أن تكون هناك نهضة على المستوى الزراعي وعلى المستوى الصناعي، من أجل أن يكون لنا الإنتاج المحلي ‏والاستهلاك المحلي والتداول المحلي، كي لا نبقى تحت عبء الخارج، وكي لا نبقى في المديونية التي يعاني منها لبنان بشكل ‏كبير.‏لقد قامت مؤسسة جهاد البناء بأعمال عظيمة ومؤثرة جدًا، فهي تعمل على تطوير الزراعة، وتربية النحل، وإنتاج العسل، ‏وزيادة الثروة الحيوانية، وتوسيع أسواق المزارعين، والمساعدة في تصدير الإنتاج، وإطلاق التعبئة الزراعية، ورعاية ‏منتجي الصناعات الغذائية، وتطوير إنتاج الصناعات الحرفية.‏هذه كلها أعمال تصب في خدمة المزارع، ويجب أن نكون إلى جانبه، ويجب أن نعزز هذا الموقع، وللأسف، فإن الدولة غائبة ‏عن الاهتمام الكافي بهذا القطاع، أي القطاع الزراعي، وكذلك بالقطاع الصناعي.‏تَصَوّروا أن موازنة الزراعة لعام 2026 تساوي تقريبًا خمسةً وعشرين مليون دولار، أي ما نسبته 0.45% من إجمالي ‏الموازنة، أما وزارة الصناعة فتساوي حوالي مليونين دولار فقط، أي 0.031% من إجمالي الموازنة العامة! هل يُعقل أن ‏تكون الموازنة بهذا المقدار؟ يجب أن تكون موازنةً أكبر ضمن مشاريع تنموية. نحن لا نقول لكم: “أعطوا المزارعين”، بل ‏نقول: “هيِّئوا لهم الأساليب والوسائل والدعم والبُنى والعطاءات التي تساعدهم على تحسين الإنتاج وتمكينهم من تصريفه ‏بطريقة أو بأخرى”، كما تفعل جهاد البناء. فـ”جهاد البناء” تعطي ولا تأخذ، تهيئ الأرضية الصالحة، وتقدم الخدمات ‏الجماعية المشتركة التي توفر على المزارعين.‏

المطلوب من الدولة أن تضع برنامجًا حقيقيًا للاستفادة من أرضنا، ومعروف أن أرض لبنان غنية، فعالة، منتجة، تُعطي أفضل ‏المزروعات. لكن المطلوب هو دعم المزارع، وأيضًا إيجاد التسويق المناسب، حتى نخفف من الحلقات بين المزارع ‏والمشتري، من أجل أن تكون السلعة بسعر مقبول، ومن أجل أن يتم تداولها بين الناس. ‏شكرًا لـجهاد البناء، وشكرًا لكل المساهمين في هذا العمل، وشكرًا للمنتجين والمسوقين الذين حضروا من أماكن مختلفة في ‏لبنان من أجل عرض منتجاتهم، وإن شاء الله يكبر هذا العمل أكثر فأكثر، وتكون له النتائج العظيمة.‏