الشيخ نعيم قاسم: ثلاثية الخطر تحاصر لبنان … والمقاومة صمام الأمان

0 minutes مدة القراءة
55 مشاهدة

كتب حسين مرتضى ..

في مشهدٍ يحمل رسائل سياسية عميقة، ألقى سماحة الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، خطابًا مؤثرًا في حفل تأبين القائد الجهادي الراحل الحاج علي “أبو الفضل” كركي، مجددًا التأكيد على أن المقاومة لم تعد خيارًا طارئًا، بل ضرورة وطنية تحمي لبنان من ثلاثة أخطار وجودية: العدو الإسرائيلي، الجماعات الإرهابية، والهيمنة الأميركية.

◾ الشهيد كركي: أيقونة في الذاكرة الجهادية

استهل الشيخ قاسم كلمته بإبراز دور الحاج علي كركي، الذي وصفه بأنه من أوائل القادة الذين ساهموا في بناء العمق التنظيمي والعملياتي لحزب الله، وشريكٌ مباشر في أبرز محطات العمل المقاوم. لم يكن استذكار كركي مجرد تكريم، بل كان مدخلًا لترسيخ مبدأ أن المقاومة هي مدرسة مستمرة يتناقلها جيل بعد آخر.

◾ 17 عامًا بلا عدوان… بفضل سلاح الردع

أكد الشيخ قاسم أن المقاومة نجحت في منع أي عدوان إسرائيلي مباشر على لبنان طيلة 17 عامًا، معتبرًا أن هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا الجهوزية العالية وردع العدو من خلال المعادلة التي أرساها حزب الله، خصوصًا بعد حرب تموز 2006. كما أشار إلى أن إسرائيل لم تنفذ أي مشروع استيطاني جديد في جنوب لبنان منذ ذلك الحين، ما يعكس حجم الردع الفعلي الذي تم تحقيقه.

◾ التزامات من طرف واحد… و3800 خرق إسرائيلي

وفي ما يتعلق باتفاق وقف إطلاق النار في منطقة جنوب الليطاني، أوضح سماحته أن المقاومة والدولة التزمتا بما جاء في القرار 1701، بينما تم تسجيل أكثر من 3800 خرق إسرائيلي منذ صدوره، دون أي مساءلة دولية أو رد فعل يذكر. هذه الأرقام، بنظره، تؤكد أن إسرائيل لا تزال تشكل خطرًا فعليًا يتطلب بقاء المقاومة في أعلى درجات الاستعداد.

◾ رسالة واضحة: لا لسحب سلاح المقاومة

هاجم الشيخ قاسم ما وصفه بـ”الإملاءات الأميركية” المتكررة التي تطالب بنزع سلاح حزب الله، مؤكّدًا أن هذا السلاح لا يُستخدم داخل لبنان، بل هو صمّام أمان ضد أي عدوان خارجي. وقال بوضوح: “سلاحنا ليس مطروحًا على طاولة التفاوض، ولا نقايضه بأي ثمن”، مشددًا على أن المقاومة ليست عبئًا على الدولة، بل ركيزتها الأمنية والسيادية.

◾ ثلاثية الخطر: إسرائيل، داعش، والولايات المتحدة

وضع الشيخ قاسم معالم التهديدات التي تحاصر لبنان، محددًا ثلاثة أخطار رئيسية:

  1. التهديد الإسرائيلي الدائم من الجنوب، والمتمثل بخرق السيادة وتوسيع الاستيطان.
  2. الخطر التكفيري والإرهابي الآتي من الحدود الشرقية، والذي سبق أن تصدت له المقاومة والجيش.
  3. الضغط الأميركي الاقتصادي والسياسي، الهادف لإضعاف لبنان وتفكيك محور المقاومة من الداخل.

◾ مقاومة متجذرة في العقيدة والثقافة

أصرّ سماحته على أن المقاومة ليست مجرد سلاح أو هيكل عسكري، بل منظومة متكاملة قائمة على الإيمان والثقافة والصبر والتضحية. وبهذا الطرح، حاول نقل صورة المقاومة من كونها تنظيمًا عسكريًا إلى كونها حالة وطنية–اجتماعية تنبع من وجدان الشعب وتطلعاته للحرية والاستقلال.

◾ دعوة للوحدة: لا تراهنوا على الانقسام

في ختام خطابه، وجّه الشيخ قاسم نداءً واضحًا للداخل اللبناني، داعيًا إلى تعزيز الوحدة الوطنية وعدم الانجرار خلف رهانات خاسرة على تحالفات خارجية أو انقسامات داخلية. وعبّر عن عمق العلاقة الاستراتيجية بين حزب الله وحركة أمل، مؤكّدًا دعم الرؤساء الثلاثة في الحفاظ على القرار السيادي اللبناني ومواجهة الضغوط الخارجية.

لقد جاء خطاب الشيخ نعيم قاسم كمرافعة سياسية دفاعية وهجومية في آنٍ واحد، تحمل في طياتها تحذيرًا من إعادة إنتاج سيناريوهات الاستضعاف السياسي والأمني للبنان، وتأكيدًا على أن المقاومة ستظل حجر الزاوية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والتكفيرية، والتدخلات الأميركية المتواصلة.

بعيدًا عن الطابع التأبيني، مثّل الخطاب خريطة طريق للموقف الرسمي لحزب الله في المرحلة المقبلة، مؤكدًا أن التحولات الإقليمية لا تعني التخلي عن الثوابت، بل التمسك أكثر بخيار المقاومة كأداة سيادة وطنية واستقرار إقليمي.