“بين السيادة والمقاومة: الشيخ نعيم قاسم يرسم خريطة طريق للحكومة اللبنانية”

1 minute مدة القراءة
2454 مشاهدة

كتب حسين مرتضى ..

في لحظة إقليمية دقيقة، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان والمنطقة، أطلق سماحة الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، موقفاً لافتاً من حيث التوقيت والمضمون. فقد شدّد على أن السيادة الوطنية هي القضية المركزية، داعياً الحكومة اللبنانية إلى وضع خطة شاملة سياسية وإعلامية وعسكرية وتعبوية تعيد الاعتبار للدولة وتمنح المقاومة الشرعية الكاملة في معركتها الدفاعية. هذه الدعوة لا تقتصر على تسجيل موقف سياسي، بل تحمل في طياتها مضموناً عملياً يحمّل الدولة مسؤوليات مباشرة تجاه حماية الوطن.

واجبات الحكومة اللبنانية كما يراها الخطاب :

  1. بلورة رؤية سياسية موحّدة

ضرورة أن تتجاوز الحكومة حالة الانقسام الداخلي، وتعلن بوضوح أن إسرائيل هي العدو الأول للبنان وأي خطاب مزدوج أو متردّد يضعف الموقف الوطني ويعطي العدو فرصة لاختراق الداخل.

  1. دعم المقاومة عسكرياً ولوجستياً

لا يعني ذلك بالضرورة أن تخوض الدولة حرباً مباشرة، بل أن تضمن للمقاومة المساحة الكاملة للتحرك، وتوفّر غطاءً سياسياً لأي عملية دفاعية وإقرار موازنات أو خطط دفاعية تكاملية بين الجيش والمقاومة، بحيث يُترجم “الجيش والشعب والمقاومة” من شعار إلى معادلة عملانية.

  1. المعركة الإعلامية

على الحكومة أن تقود خطاباً رسمياً يبرز شرعية المقاومة في المحافل الدولية ومواجهة الدعاية الإسرائيلية والغربية التي تصوّر المقاومة كطرف “مخرّب”، عبر تقديم صورة المقاومة كحركة تحرير وطنية.

  1. المعركة الدبلوماسية

الساحة الدولية لا تقل خطورة عن الميدان العسكري. المطلوب أن تتحرك وزارة الخارجية بفاعلية في المحافل الأممية، لتسجيل الخروقات الإسرائيلية اليومية، وتأكيد حق لبنان المشروع في الدفاع عن نفسه وبناء شبكة تحالفات مع الدول الداعمة لحق الشعوب في مقاومة الاحتلال.

  1. التعبئة الوطنية

الخطاب الشعبي والإعلامي الداخلي يجب أن يواكب المعركة. هنا يأتي دور الحكومة في تعزيز الانتماء الوطني، والحد من الخطابات التي تزرع الانقسام الداخلي أو تشكّك بالمقاومة ودعم مبادرات تعبئة اقتصادية وخدماتية تضمن صمود الجبهة الداخلية في زمن الحرب أو الحصار.

تحليل البعد الاستراتيجي

كلام الشيخ قاسم يعكس إدراكاً بأن المقاومة وحدها، مهما بلغت قدراتها، لا تستطيع تحمّل عبء المواجهة بمعزل عن الدولة. فالمعركة اليوم ليست فقط على الحدود الجنوبية بل أيضاً على صورة لبنان في العالم.

عندما تدعم الحكومة المقاومة، فهي لا تدعم حزباً سياسياً بل تدافع عن سيادة الوطن.

أما إذا تنصّلت، فإنها تترك المقاومة مكشوفة أمام الضغوط الدولية والإقليمية، ما يضعف قدرة لبنان ككل على مواجهة العدوان.

أبعاد إقليمية

الخطاب يكتسب أهمية مضاعفة في ظل:

استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وما يرافقه من تهديد بتوسيع المواجهة.

الدور الأميركي الضاغط على لبنان لفرض شروط أمنية تحدّ من عمل المقاومة.

تصاعد المواجهة الإعلامية التي تحاول تصوير المقاومة كـ “خطر داخلي” بدل كونها حائط الدفاع الأخير عن لبنان.

في الختام دعوة الشيخ نعيم قاسم ليست مجرد خطاب تعبوي، بل خطة عملية موجّهة للحكومة اللبنانية:
إما أن تتحمل مسؤولياتها فتشكّل حاضنة رسمية للمقاومة، أو أن تستمر في حالة المراوحة التي تمنح العدو فرصةً للانقضاض على سيادة لبنان.
المعادلة واضحة: الدولة + المقاومة = سيادة، بينما الدولة – المقاومة = هشاشة وانكشاف.