«جهوزيّة وثقة: قراءة في موقف المقاومة حول الدفاع عن الأرض»
كتب حسين مرتضى ..
في مقابلة مع قناة المنار، شدّد سماحة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم على أن حزب الله ليس مجرد تنظيم عسكري، بل مشروع استراتيجي شامل يعكس رؤية وطنية متكاملة.
هذا التأكيد يأتي في سياق التعبير عن الثقة بالقدرات والاصرار على المضيّ في مسار الدفاع عن حقّ لبنان وشعبه، تحت شعار “جاهزون للدفاع ولن نسمح للعدو أن يمر”.
رؤية شاملة ومواقف واضحة
الشيخ قاسم أبرز أن المقاومة ليست خيارًا لحظة بل منهج حياة، “من نَحياه” كما ورد في كلامه، مشيرًا إلى أن “المسيرة صلبة ومستمرة” رغم تعب الطريق. هذا الخطاب يعكس ثقة قوية بأن الاستحقاقات الداخلية والخارجية تُطبخ ضمن رؤية واضحة، وأن الحزب لا يكتفي بردّ فعل بل يبني موقفًا استراتيجيًا.
قوة القيادة الجماعية
من جهة التنظيم، أكّد الشيخ قاسم أن القرار يُتخذ داخل “إطار مؤسساتي جامع” وليس شخصيًا فقط. هذا يعكس فكرة أن الاستمرارية لا تقوم على شخص واحد وإنما على منظومة كاملة، ما يُعطي أبعادًا لاستدامة الموقف ومرونته في التعامل مع المتغيرات.
المقاومة والدفاع عن السيادة
أشار الشيخ قاسم إلى أن سلاح الحزب ليس هدفًا في ذاته، بل وسيلة للدفاع عن الأرض والإنسان والسيادة، وأوضح أن “لا عزّة للمنطقة إلا بالمقاومة”. في موازاة ذلك أكّد أن المبادرة للحرب ليست من ضمن الأولويات، بل الدفاع عن النفس وعن الحقّ، قائلاً إن الحزب “جاهز للدفاع… وليس للمبادرة”.
التنسيق المؤسساتي والإعمار
على الصعيد الداخلي، أشار سماحته إلى التنسيق الوثيق مع قيادات الدولة اللبنانية، وخصوصًا مع دولة الرئيس نبيه بري، موضحًا أن العلاقة “متينة واستثنائية” منذ العدوان الأخير. كما شدّد على أن مسؤولية الإعمار تقع بدايةً على الدولة، وأن المقاومة تقدّم ما تستطيع لكن الأمل يرتبط بتحرّك حكومي فعّال.
قراءات تحليلية
أولًا، الخطاب يعكس ثباتًا داخليًا في قيادة الحزب رغم الضغوط والتحديات، ما يُعطي إشارات إيجابية بأن “الشجرة” التنظيمية ما تزال متجذّرة.
ثانيًا، التركيز على النهج المؤسسي بدل الفردانية يشير إلى نضج تنظيمي قادر على التأقلم مع محيط متغيّر.
ثالثًا، إن الربط بين المقاومة والسيادة ودور الدولة يشكّل مقاربة ترسّخ أن المعركة ليست فقط عسكرية، بل سياسية واجتماعية واقتصادية — ما يُعدّ عنصر قوة تكتيكيًا واستراتيجيًا.
رابعًا، التأكيد على الجاهزية وليس المحفّزات الدعائية وحدها يُعدّ بناء ثقة داخلية وخارجية بأن الموقف ليس ظرفيًا بل مستمرّ.
التحديات التي تبدو في الأفق
رغم أن الخطاب يحمل نبرات قوة وأمل، إلا أنّ هناك بعض النقاط التي تحتاج متابعة:
حجم التحديات الاقتصادية والإنمائية في لبنان يبقى عبئًا ثقيلًا، وقد يؤثر على مناخ الدعم الشعبي للمقاومة إذا لم يُترجم بخطوات ملموسة.
علاقة الدولة والمقاومة بحاجة إلى ضبط دقيق: التنسيق مهمّ، ولكن محافظة المقاومة على هويتها ودورها تبقى مسألة محورية.
القدرة على الردع قد تواجه تغيُّرات مستقبلية في موازين القوى الإقليمية والدولية، ما يستدعي تجديد أدوات واستراتيجيات.
إن مقابلة سماحة الشيخ نعيم قاسم تسجّل لحظةً تحتفي بالقوة والثبات والرؤية. إن الرسالة الأساسية كانت: “نحن هنا، وسنستمر، ولن نتخلّى عن الحقّ”. وفي جانب التحليل الإيجابي، يمكن القول إن هذه الرسالة تُعدّ بمثابة طمأنة للشعب اللبناني، وإشارة إلى أن مشروعًا يُعدّ منذ زمن لا يزال صامدًا في وجه التحديات، وليس مجرد ردّ فعل. وهذا هو البُعد الذي يستحقّ التوقف عنده.