لبنان بين الواقع والأمل: رسالة مفتوحة ترسم ملامح “العهد الجديد”
كتب حسين مرتضى ..
في خضم الأزمات المتلاحقة التي يمرّ بها لبنان، يبرز صوتٌ يدعو إلى التلاقي والتجديد، من خلال رسالة مفتوحة وُجّهت إلى الرؤساء الثلاثة، تحمل في طياتها نقداً بنّاءً ورؤية إصلاحية عميقة. هذه الرسالة لا تكتفي بتوصيف الواقع، بل تفتح الباب أمام مرحلة جديدة قوامها المواطَنة، والمسؤولية المشتركة، والتعليم الهادف إلى بناء الإنسان اللبناني أولاً.
مصارحة من أجل بداية جديدة
تتناول الرسالة الواقع اللبناني بجرأة وصدق، لتعترف بما يعيشه البلد من تحديات سياسية وطائفية واقتصادية، لكنها ترى في هذا الاعتراف خطوة أولى نحو الإصلاح الحقيقي. فالتغيير، كما توضح، لا يبدأ من التجاهل أو الإنكار، بل من المصارحة، التي تمهّد الطريق لاتخاذ قرارات شجاعة ومصيرية تنقذ الوطن من دوامة الأزمات.
دعوة إلى الشراكة الوطنية
الرسالة تدعو القيادات اللبنانية إلى تجاوز الاصطفافات الضيقة، والعمل معاً من أجل صيغة وطنية جامعة، تُعيد للمواطن ثقته بالدولة، وتمنحه شعوراً بالانتماء إلى وطن لا إلى طائفة أو حزب. هذه الدعوة إلى التشاركية تُعدّ مؤشراً إيجابياً على رغبة في الانتقال من منطق المحاصصة إلى منطق الدولة والمؤسسات.
التربية والمواطَنة: حجر الأساس للإصلاح
من أبرز ما جاء في الرسالة تركيزها على التعليم ودوره في ترسيخ قيم المواطَنة. إذ تؤكد الرسالة أن ما ينقص لبنان اليوم هو القاسم المشترك الذي يجمع أبناءه على مفهوم واحد للانتماء والمسؤولية. وترى أن الحل يبدأ من المدرسة، عبر تطوير مناهج تعليمية تُغذّي الفكر النقدي، وتزرع في الأجيال القادمة حب الوطن فوق أي انتماء آخر.
الإصلاح يتطلّب الجرأة والتضحية
توجّه الرسالة نداءً واضحاً إلى الرؤساء الثلاثة، تدعوهم فيه إلى اتخاذ خطوات عملية حتى لو تطلب الأمر تضحيات سياسية أو حزبية. فالإصلاح لا يمكن أن يتحقق من دون قرارات جريئة تُعيد الثقة إلى المواطن وتؤسس لمرحلة جديدة من الشفافية والمساءلة.
خطوات عملية نحو المستقبل
تحمل الرسالة مجموعة من الأفكار القابلة للتطبيق، من أبرزها:
تشكيل لجنة وطنية للمواطَنة تضم ممثلين عن مختلف الطوائف والمجتمع المدني والأكاديميين.
إدخال برامج تعليمية جديدة تُرسّخ مفهوم المواطَنة والحقوق والواجبات منذ المراحل الأولى من التعليم.
عقد لقاء رئاسي جامع يضع خريطة طريق إصلاحية واضحة المعالم.
إطلاق حملة وطنية إعلامية تعزّز الانتماء للوطن وتُبرز قصص النجاح والمبادرات الإيجابية.
أفق جديد للبنان
الرسالة المفتوحة، رغم لهجتها النقدية، تبقى محمّلة بالأمل، لأنها تذكّر اللبنانيين بأن التغيير ممكن، وأن مستقبل البلاد لا يزال بين أيدي أبنائه إذا ما توحّدوا حول مشروع وطني جامع. إنها دعوة إلى أن يتحول الإحباط إلى طاقة بناء، واليأس إلى تصميم، والخلاف إلى شراكة في صنع المستقبل.
وفي ختام هذه الرؤية، تبدو الرسالة كجرس إنذار، لكنها أيضاً كنافذة أمل تفتح الطريق نحو “العهد الجديد” الذي يتطلّع إليه كل لبناني صادق مع نفسه ووطنه.